البلطجة الإلکترونية فى العصر الرقمى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الإذاعة والتليفزيون بکلية الإعلام جامعة أکتوبر للعلوم الحديثة والآداب MSA

المستخلص

تعتبر البلطجة الإلکترونية من الخبرات السلبية المخجلة التى قد يتعرض لها الأشخاص مما يؤدى إلى صعوبة إجراء دراسة ميدانية أو کيفية مع الأشخاص المتورطين فى هذه الظاهرة خاصة فى المجتمعات العربية.  وقد يفسر ذلک ندرة دراساتها فى المجتمعات العربية.
    وفى مبادرة من قناة الBBC العربية، وفى السادس والعشرين من أکتوبر 2016 أنشأت القناة صفحة على موقع الفيسبوک لمناقشة ظاهرة البلطجة الإلکترونية فى العالم العربي ومنطقة شمال أفريقيا وجنوب شرق أسيا . وأطلقت حملة بعنوان " الإبتزاز فى العالم الرقمى" أو (# العارأون لاين)أو (Shameonline#).حيث دعت قناة الـBBC العربية جميع مشاهديها إلى إرسال قصصهم عبر رقم واتساب أو من خلال صفحتهم على الفيسبوک أو من خلال البريد الإلکتروني الموضح بالصفحة لتقوم القناة بإعداد الفيديوهات التى تجسد هذه القصص  ثم نشرها- وذلک بعد إخفاء هوية الضحايا وتغيير أسماءهم فى معظم القصص المرسلة- عبر الصفحة وذلک لمدة أسبوع أطلقت عليه. "أسبوع العار" أو "موسم العار" .
   وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل الفيديوهات المقدمة عبر  تلک الصفحة التى أنشأتها قناة الBBC للتعرف على ظاهرة البلطجة الإلکترونية کما قدمتها القناة. والتى إستندت فى تغطيتها على قصص واقعية وعدد من الحوارات والتقارير الخاصة بالظاهرة.
أهم النتائج:
   تعتبر قناة الBBC من أولى القنوات التى حاولت رصد ظاهرة البلطجة الإلکترونية فى المجتمعات العربية ومجتمعات جنوب شرق آسيا وإنشاء لها صفحة محددة عبر موقع الفيسبوک. حيث تنتشر هذه المشکلة فى المجتمع العربي بشکل کبير إلا إنها من المشکلات المسکوت عنها نظراً لأنها من الخبرات السلبية المخجلة  التى يمکن أن يتعرض لها الفرد. ومن خلال تحليل الفيديوهات التى بثتها القناة عبر  صفحة العارأونلاين يتضح لنا ما يلي:
   حاولت القناة بشکل أساسي الترکيز على قضية الشرف وعلاقته بالجسد أو العار على إعتبار أن المجتمعات العربية أو الشرقية بشکل عام تعاني من قضايا الشرف. وبالتالي فإن ظاهرة البلطجة الإلکترونية فى المجتمعات الشرقية هى إمتداد لقضية الشرف أو العار. وإستخدمت القناة لتأصيل ذلک المعنى عدة وسائل منها : إسم الحملة ، عناوين الفيديوهات، نوع الضيوف، ذلک بالإضافة إلى إعتبار المجتمعات التقليدية هى السبب الأول وراء البلطجة الإلکترونية. وبالرغم من أنه لا يمکن إغفال ذلک السبب إلا إن البلطجة الإلکترونية ظاهرة عالمية تنتشر فى المجتمعات التقليدية والمتقدمة على حد سواء. کما أنه لا يمکن إغفال دخول المواقع والتطبيقات الإجتماعية فى جميع شئون حياتنا ، وإعتمادنا بشکل أساسي على التليفونات المحمولة وإشتمالها على معلومات خاصة ومفصلة مما يجعل أصحابها فريسة سهلة للإبتزاز إذا وقعت هذه التليفونات المحمولة فى يد عديمي الأخلاق والضمير.
  لم تلق هذه الحملة نجاحاً واسعاً من مستخدمي الفيسبوک ، وقد تبين ذلک من قلة عدد التعليقات والمشاهدات للکثيرمن الفيديوهات. وقد يرجع ذلک إما لقلة المساحة الزمنية التى فردتها الBBC لهذه الظاهرة من ناحية أو لرفض بعض مستخدمي الفيسبوک لهذه الحملة لأنها- على حسب رأيهم- تحاول حض المجتمع على التعري والتحرر.
    کانت ردود فعل مستخدمي الفيسبوک مختلفة ومتباينة إلى حد کبير ، فقد کان هناک من هو مؤيد للحملة لأنها دعوة للتجديد والتخلص من الأفکار والموروثات التقليدية ، ومن هو معارض لها لأنها تدعو إلى التحرر والعري. ويعکس ذلک الإنقسام الکبير الذي تعاني منه المجتمعات العربية ما بين أفکار متحررة وأخرى أصولية منغلقة دون محاولة الوصول إلى الإنفتاح والتحرر بما لا يخالف الموروثات الصحيحة التى تضمن سلامة الفرد والمجتمع على حد سواء.
   تبين أن البلطجة الإلکترونية فى العالم العربي وفى المجتمعات الشرقية تختلف عن البلطجة الإلکترونية کما تناولتها الدراسات الأجنبية . حيث تأخذ البلطجة الإلکترونية فى المجتمعات العربية الشکل الأکثر حدة وقوة وهو الإبتزاز الجنسي أو المادى والفخ الجنسي وإنتحال شخصية الغير. ويشير ذلک إلى الإعتياد على المضايقات أو المعاکسات دون محاولة رفضها أو دراساتها أدى بدوره إلى تفاقم هذه المضايقات وتحولها إلى إبتزاز جنسي أو مادى.
   من خلال تحليل الفيديوهات تبين الإنصياع الشديد من قبل الضحايا للمبتزين إلا فى حالتين فقط ، مما يزيد من خطورة المشکلة. حيث أن السکوت عن ذلک الإبتزاز لا يؤدى إلى ملاحقة المبتزين والقبض عليهم.
 حدود هذه الدراسة وما تثيره من دراسات مستقبلية:
   حاولت هذه الدراسة التعرف على ظاهرة البلطجة الإلکترونية کما قدمتها قناة الBBC فى صفحتها على الفيسبوک . إلا أن عدد  ومدة الفيديوهات التى تم تحليلها کان محدوداً للغاية مما يمنع من تعميم نتائج هذه الدراسة.  ومن هنا لابد من دراسة هذه الظاهرة فى المجتمعات العربية  بشکل أکبر من خلال الدراسات الميدانية والکيفية
للتعرف على أبعاد هذه الظاهرة وأسبابها ونتائجها من وجهة نظر الضحايا والمبتزين على حد سواء.
   وإذا کان من الصعوبة إجراء مثل هذه  الدراسات  الميدانية فى المجتمعات العربية  نظرأً لکون هذه الظاهرة من الخبرات السلبية والمخجلة التى قد يتعرض لها الأفراد، فإنه يتحتم على جميع وسائل الإعلام التقليدية والجديدة نشر الوعي الکافى  بهذه المشکلة  حتى يتسنى للباحثين إجراء الدراسات الميدانية لقياس مدى وعي الأفرد بهذه المشکلة والإجراءات الوقائية التى يمکن أن يتخدونها لحماية أنفسهم من الوقوع فى فخ البلطجة الإلکترونية.
 

الكلمات الرئيسية