المعالجة الإعلامية للاغتيالات السياسية بعد ثورة 30 يونيو في البرامج الحوارية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الإنتاج الإعلامي بالمعهد الدولي العالي للإعلام – أکاديمية الشروق

المستخلص

وقد اعتمدت الدراسة الحالية على منهج دراسة الحالة، بالتطبيق على حادثة اغتيال النائب العام هشام برکات في الفترة من 29 يونيو 2015 إلى 4 يوليو 2015 (وهو تاريخ تفجيرات سيناء، حيث تحولت التغطية الإعلامية من متابعة حادثة الاغتيال وتداعياتها إلى تغطية حادث تفجيرات سيناء)، حيث تم اختيار عينة الدراسة التحليلية للقنوات الفضائية العربية وفقا لأسلوب العينة العمدية؛ وذلک لعمل مسح شامل للبرامج الحوارية التي تناولت حادثة اغتيال النائب العام في القنوات التالية:
-          أولا: الفضائيات المصرية، وهي: برنامج "المشهد" بقناة النيل، وبرنامج "على مسئوليتي" بقناة صدى البلد، وبرنامج "الحياة اليوم" بقناة الحياة، وبرنامج "العاشرة مساء" بقناة دريم، وبرنامج "لازم نفهم" بقناة سي بي سي اکسترا.
-          ثانيا: الفضائيات العربية، وهي: برنامج "غرفة الأخبار" بقناة سکاي نيوز عربية، وقناة العربية، وبرنامج "ما وراء الخبر" بقناة الجزيرة.
-          ثالثا: الفضائيات الموجهة باللغة العربية، وهي: برنامج "العالم اليوم" بقناة الحرة، وبرنامج "أخبار السياسة" بقناة روسيا اليوم، وقناة يورونيوز، وبرنامج "هوا مصر" بقناة فرانس 24، وبرنامج "مسائية" بقناة دوتش فيلله.
 
          وتمثلت أهم نتائج الدراسة التحليلية على النحو التالي:

الفکرة المحورية المسيطرة على المعالجة الإعلامية کانت "مسئولية جماعة الإخوان المسلمين عن الحادث" في المرتبة الأولى، تليها "المطالبة بتعديل القانون الجنائي"، بينما في القنوات الفضائية العربية (قناة الجزيرة بشکل خاص) جاء اتهام "الجهات الأمنية بالتقصير الأمني" في المرتبة الأولى.
تم معالجة 59% من الأفکار التي تناولت حادثة اغتيال النائب العام في إطار محدد رکز على تفاصيل حادثة الاغتيال، بالإضافة إلى مشهد جنازة الفقيد. بينما 41% من الأفکار تم معالجتها ضمن الإطار العام الذي تناول الجرائم الإرهابية سواء لجماعة الإخوان المسلمين أو لجماعات إرهابية أخرى، حيث تم استخدام إطار "المسئولية" في أغلب المعالجات الإعلامية للحادث، کما استخدم إطار "الجاني والضحية" من خلال وضع جماعة الإخوان المسلمين في إطار "الجاني" والدولة ومؤسساتها ورجال قضائها في إطار "الضحية"، وفي المرتبة الثالثة استخدم کل من: إطار "الصراع" من خلال التأکيد على فکرة صراع جماعة الإخوان المسلمين مع الدولة من أجل استرجاع سيطرتهم على السلطة، وإطار "الفشل أو الإخفاق" من خلال توجيه اللوم للسلطات الأمنية لإخفاقها في توفير الأمن والحماية لشخصية بقدر النائب العام.
استخدمت الأطر الإعلامية في 45.6% من الأفکار التي تناولت حادثة الاغتيال بغرض عرض تقييمات لحادث اغتيال النائب العام، وذلک على حساب استخدامها لاستعراض الأسباب أو استخدامها لطرح الحلول والنتائج، وتفسير هذه النتيجة في ضوء الفترة الزمنية للدراسة، والتي اهتمت بتحليل المعالجة الإعلامية للقنوات الفضائية فور وقوع حادثة اغتيال النائب العام، الأمر الذي أعطي مؤشرا بالغ الخطورة فيما يتعلق بعدم موضوعية القنوات الفضائية (موضع التحليل) في معالجتها للقضايا المتعلقة بالإرهاب، واستعجالها في إصدار الأحکام وطرح التقييمات على حساب طرح التفسير واستعراض أسباب الحادث، وقد انعکس هذا بالفعل على مستوى المعالجة الإعلامية التي بدت سطحية متعجلة قائمة على السرد (بنسبة 46.9%).
تعددت الاستراتيجيات الإقناعية المستخدمة في تغطية حادثة اغتيال النائب العام، والتي تمثلت في: "التحجيم والإبراز لوجهة نظر واحدة"، و"شخصنة الأحداث"، و"الإثارة والدراما والسرد الروائي للحدث"، و"توظيف اقتباسات المصادر بشکل غرضي"؛ حيث ظهر تأثير السياسة التحريرية والعلاقات السياسية للقناة على نوع الاستراتيجيات الإقناعية المستخدمة في عرض الحدث. فقد استخدمت القنوات الفضائية المصرية استراتيجية "شخصنة الأحداث" في المرتبة الأولى، بينما اختلف الأمر في القنوات الفضائية العربية والقنوات الفضائية الموجهة باللغة العربية؛ حيث استخدمت في المرتبة الأولى استراتيجية "الإبراز لوجهة نظر واحدة"، خاصة في قناة الجزيرة التي رکزت على وجهة النظر المتعلقة بکل من: الفشل الأمني لجهاز الشرطة، وعدم نزاهة القضاة لمطالبتهم بتعديل القانون.
کما تبين من الدراسة التحليلية تدخل مقدمي البرامج في وصف حادثة الاغتيال، وذلک من خلال تضمين رأيهم الشخصي، أو التعقيب على تصريح المصادر الرسمية بإبراز وجهة نظرهم الشخصية، أو صياغة استخلاصات من تصريحات المصادر والمسئولين.
کما يمکن إجمال أبرز الأخطاء التي وقع فيها الإعلاميون في تغطية حادثة اغتيال النائب العام هشام برکات، فيما يلي:


تقديم تغطية متعجلة وسريعة وسطحية تهتم أساسا بتقديم جواب عن سؤال ماذا حدث؟
غياب التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري والتحليلي، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث، في منظومة عشوائية.
اتسمت المعالجة الإعلامية بالعفوية والارتجال وعدم التخطيط، الأمر الذي جعلها تغطية تفتقر إلى الإطار المرجعي الذي يحقق لها التماسک المنهجي.
تضارب المعلومات والأخبار والقصص حول حادثة اغتيال النائب العام أدى إلى بث بعض من البلبلة والغموض والإشاعات.
نقل بعض المعلومات عن نوعية الأسلحة والآليات والمواد المستخدمة وقدرتها التدميرية وخصائصها الفنية والتکتيکات الإرهابية، يؤدي إلى تعزيز فقدان الثقة في الجهاز الأمني، وبث العنف مع الرعب وربما الإحباط والتقليد بالإيجاب أٍو بالسلب.


وباختبار صحة فروض الدراسة تبين ما يلي:


صحة الفرض الأول بشکل جزئي؛ حيث اتضح وجود اختلاف ذي دلالة إحصائية بين البرامج الحوارية (حسب جنسيتها) في طبيعة الأطر الإعلامية المستخدمة لمعالجة حادثة اغتيال النائب العام، بينما لم يتضح وجود اختلاف ذي دلالة إحصائية بين البرامج الحوارية (حسب جنسيتها) في وظائف الأطر الإعلامية المستخدمة لمعالجة حادثة اغتيال النائب العام.
صحة الفرض الثاني، حيث تبين تأثير جنسية القناة بشکل إيجابي في العلاقة بين طبيعة الأطر المستخدمة في المعالجة الإعلامية لحادثة اغتيال النائب العام ووظائف هذه الأطر، لکن نسبة اسهام متغير جنسية القناة في هذه العلاقة بلغت 16.5%. أي أن جنسية القناة ليست المتغير الوحيد المؤثر على العلاقة بين طبيعة الأطر الإعلامية ووظائفها.
عدم صحة الفرض الثالث، حيث لم يظهر تأثير جنسية القناة في العلاقة بين مستوى تغطية البرامج الحوارية لحادث اغتيال النائب العام واستراتيجيات عرض هذا الحادث.

الكلمات الرئيسية