الذات المثالية والذات المدرکة لدى مستخدمات الفيسبوک

تتبلور مشکلة الدراسة في رصد خصائص کل من الذات المثالية (المرغوبة) والذات المدرکة (الواقعية) لدى مجموعة من النساء مستخدمات الفيسبوک، فالذات المثالية أو المرغوبة هنا هي تلک الصورة التي تسعى مستخدمات الفيسبوک إلى إظهارها للمعارف والأصدقاء على الفيسبوک  من خلال الصفحات الشخصية والعامة والمجموعات المشترکة بها المنتشرة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوک، وسوف يتم التعرف على سمات الذات المثالية أو "المرغوبة" من خلال تحليل ما تقوم المستخدمات بنشره من منشورات شخصية أو مشارکة منشورات الغير أو الصور أو الفيديوهات ومختلف الأنشطة والاستخدامات الأخرى على حائط صفحتها الشخصية أو الصفحات العامة أو المجموعات التي تشترک بهم کمجتمع للبحث ضمن هذه الدراسة.أما الذات  المدرکة أو "الواقعية" فسوف يتم التعرف عليها من خلال مقابلات متعمقة مع نفس المستخدمات.
وتنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وخاصةً "الفيسبوک" ودورها المتنامي في التأثير على الشخصية والسلوک الفردي والاجتماعي داخل الأسرة والمجتمع، خاصة بالنسبة للمرأة سواء في حياتها المهنية أو الاجتماعية في الحاضر والمستقبل، کما أن تطور شبکات التواصل الاجتماعي وتنوع استخداماتها جعلت تأثيرها حاسمًا سواء أکان تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على قطاعات المجتمع. ناهيک عن أن هذه الدراسة تعني بالمرأة وما  تمثله من کيان أصيل فهي نصف المجتمع، وتساهم في تنشئة النصف الآخر للاندماج في هذا المجتمع والتفاعل معه والتکيف مع  واقعه.
و    قامت الدراسة الحالية بتناول وضع مواقع التواصل الإجتماعي وخاصةً الفيسبوک  في حياة مستخدميه من خلال وصف الحالة العامة للعالم الافتراضي الذي تشکله هذه المواقع, وما يترتب عليها من تأثيرات نفسية وعملية على المستخدمين من الإناث, کما اعتمدت في تطبيقها على المنهج الکيفي في وظف الظاهرة محل الدراسة, واستقراء وتحليل خصائص المبحوثات واتجاهاتهم نحو الظاهرة محل البحث, واتفقت معها في ذلک دراستي "Hilscher, Jerome" (2013) والتي تناولت عالم الفيسبوک  الافتراضي في حياة طلاب الجامعات من الذکور في الولايات المتحدة الامريکية, واستخدامهم له في الأهداف التعليمية, بينما تناولت دراسة "Al_saggaf" (2012) عالم الفيسبوک  في حياة الإناث من طالبات الجامعة أيضًا, ولکن في المملکة العربية السعودية, للتعرف على مکانة واستخدامات الفيسبوک في حياة الفتيات السعوديات من جميع النواحي النفسية والعملية, حتى إن هذه الدراسة قد واجهت ما واجهته الدراسة الحالية من صعوبة في توفير عدد ملائم للعينة التطبيقية للدراسة, فقد طُبقت تلک الدراسة على (15) مفردة فقط من الفتيات السعوديات کماهو الحال في الدراسة الحالية, وفي حين استطاع الباحث في تلک الدراسة استکمال إجراءات دراسته بالاطلاع على المنشورات والأنشطة الاتصالية لثلاث مبحوثات فقط من خلال صفحاتهنّ الشخصية بعد استئذانهنّ, فقد استطاعت الباحثة في هذه الدراسة الاطلاع على منشورات جميع المبحوثات ال (15) في تلک الدراسة بناءًا على موافقاتهنّ, وتتبع جميع أنشطتهنّ الاتصالية لمدة ثلاثة أشهر کاملة، لاستکمال اجراءات الدراسة وتحقيق أهدافها والإجابة على تساؤلاتها. 
   کما أشارت نتائج الدراسة في مجملها إلى ميل المبحوثات نفسيًا وعمليًا للتعامل والاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما الفيسبوک , وقد يشمل هذا الاعتماد مختلف الوظائف الاتصالية التي يحتاج إليها الفرد في أي مجتمع, سواء کانت وظيفة إخبارية أو تثقيفية أو تعليمية أو ترفيهية, وهذا ما أکدت عليه بعض الدراسات السابقة لهذا البحث, مثل دراسة "Maha Ahmad Alshareef" (2016) التي أکدت نتائجها على اعتماد السعوديين على الفيسبوک  کمصدر للحصول على الاخبار بشکل يفوق المصادر الأخرى,  حتى أن هذا الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي قد أفقد المواقع الإلکترونية وجودها وقوتها شيئًا فشيئًا کما ذکرت نتائج دراسة "محمد المنصور" (2012), ومن ناحية أخرى فقد أصبح الحفاظ على التوازن النفسي والعملي من الوظائف الاتصالية لمواقع التواصل الاجتماعي, وإعطاء البعد السيکولوجي بعض الاهتمام کما ذهبت الدراسة الحالية أصبح هو السمةً الغالبة, فقد أشارت نتائج دراسة "Ferrell, Jason D" (2011) إلا أن الحفاظ على التوازن بين الإحتياجات النفسية والتفاعلات الاجتماعية أصبح إحدى وظائف الفيسبوک , إلى جانب توضيح أهم تأثيرات استخدام مواقع التواصل الإجتماعي کما جاء بدراسة "Valdez, David" التي أشارت نتائجها إلى أن استخدام الفيسبوک  له دور کبير في تعميق الهوية الشخصية للمستخدمين والتأثير فيهم, ودراسة "Whitfield, Lisa" التي أکدت على أن الأنانيين والمتعالين ذوي الثقة المفرطة بالنفس هم الاکثر استخدامًا للفيسبوک من الأسوياء والمتواضعين.