العلاقة بين دراسة طلاب الإعلام لمقرر التربية الإعلامية وسلوکهم الواعي في تعاملهم مع وسائل الإعلام

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم الإعلام بکلية الآداب - جامعة بنها.

المستخلص

تعد التربية الإعلامية بمثابة اتجاه عالمي جديد يختص بتعليم الجمهور کيفية التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، فمع التقدم المتسارع لتکنولوجيا الاتصال الحديثة المباشرة وغير المباشرة والمواقع الالکترونية وشبکات التواصل الاجتماعي- ظهرت الحاجة إلى التربية الإعلامية لخلق جمهور متلقي واعي قادر على فهم واستيعاب ما يتعرض له من رسائل اتصالية ويمتلک تفکيرا قادرا على الفهم والتحليل والإدراک وتمييز ما هو إيجابي وما هو سلبي .
وقد أشارت الدراسات الإعلامية إلى أهمية التربية الإعلامية في المجتمعات العربية بعدما هيمنت وسائل الإعلام الدولية على وسائل الإعلام العربية في العديد من البرامج، وأصبحت تشکل خطورة على الجمهور المتلقي، وبعد أن أصبح المتلقي مستهلکاً فقط لا منتجاً و يقدم له من کم هائل من المعلومات التي تجعله يتأثر بها بشکل مباشر أو غير مباشر.  ولذا فإن مشکلة الدراسة تمثلت في: "الوقوف على العلاقة بين دراسة طلاب الجامعة لمقرر التربية الإعلامية وسلوکهم الواعي في تعاملهم مع وسائل الإعلام، وذلک في إطار مدخل "الاستخدامات والإشباعات"، ونظرية "التعلم البنائية"، بهدف الخروج بمؤشرات حول تأثير دراسة مقرر التربية الإعلامية على سلوک الطلاب في تعاملهم مع وسائل الإعلام. واعتمدت الدراسة على المنهج شبه التجريبي، وقد تم وضع مجموعة من الفروض التي تحقق أغراض البحث، وأجريت الدراسة على عينة عمدية ممن درسوا مقرر التربية الإعلامية، قوامها 100 مفردة من الذکور والإناث (تجريبية)، وعينة أخرى(ضابطة) من غير الدارسين للمقرر قوامها 100 مفردة من طلاب کلية الإعلام بجامعة فاروس، وتم تصميم صحيفة الاستقصاء تتضمن مجموعة من الأسئلة التى تحقق أهداف الدراسة، بالإضافة إلى مقياس التعامل مع وسائل الإعلام مکون من مجموعة من العبارات لقياس مدى وعي الطلاب في تعاملهم مع وسائل الإعلام، وبعد تطبيق صحيفة الاستقصاء وتفريغ البيانات ومعالجتها إحصائيا والتحقق من فروض الدراسة، توصلت الباحثة إلى مجموعة من النتائج ، أهمها:     
1-     يرى معظم أفراد العينة أنه من المهم دراسة مقرر التربية الإعلامية (68%)، في مقابل (32%) يرون أنه "مهم لحد ما" وتؤکد هذه النتيجة على أهمية هذا المقرر وفائدته من وجهة نظر الطلاب، وهو ما يتفق مع نتائج العديد من الدراسات السابقة.
2- جميع من درسوا المقرر قد استفادوا منه، سواء کانت درجة الاستفادة "کبيرة" کما ذکر 60% من أفراد العينة، أو کانت الاستفادة "إلى حد ما" کما أشار 40%، وهو ما يؤکد النتيجة السابقة والمتعلقة بأهمية دراسة المقرر، وجاء في مقدمة أسباب الاستفادة من المقرر مساعدته الطلاب على التعامل مع وسائل الإعلام بطريقة أفضل، وفهم الأهداف الحقيقية للقائم بالاتصال والرسائل الإعلامية، والتشجيع على التواصل مع وسائل الإعلام والتعقيب أو إبداء الرأي،  کذلک المساعدة على التفکير النقدي. وتعد هذه الإجابات بمثابة دلالات قوية على أهمية دراسة مقرر التربية الإعلامية في خلق درجة من الوعي لدى الأفراد في التعامل مع وسائل الإعلام، هذا الوعي الذي يتمثل في القدرة على فهم نية القائم بالاتصال والهدف الحقيقي من توجيه الرسالة،  وتتفق هذه النتيجة مع العديد من الدراسات السابقة لاسيما فيما يتعلق بمساعدة الطلاب على التفکير النقدي للقضايا التي تعرضها وسائل الإعلام.
3- يرى 86 % من أفراد العينة أن دراسة المقرر يمدهم بالمتعة ، في مقابل 14 % يرون عکس ذلک. وتبين أن شعور الطلاب بالمتعة عند دراسة المقرر يرجع لعدة أسباب في مقدمتها: أن المقرر يجعلهم يستخدمون العقل فى التفکير بعيداً عن المغالطات التي يمکن أن تبثها الرسالة الإعلامية، ويستخدم أکثر من وسيلة للشرح وتوصيل المعلومة، وأيضا يشجعهم على المشارکة والتواصل مع وسائل الإعلام.
وتتفق هذه النتيجة مع العديد من الدراسات السابقة خاصة فيما يتعلق بقدرة المقرر على تشجيع الأفراد على استخدم عقولهم فى التفکير بعيداً عن المغالطات التي يمکن أن تبثها الرسالة الإعلامية،  وتشجيعهم على المشارکة والتواصل مع وسائل الإعلام.
4- معظم أفراد العينة (82%) لا يجدون صعوبة فى التعامل مع المقرر في مقابل 4% "يجدون صعوبة"، و14% "يجدون صعوبة الي حد ما". ومن الطبيعي أن تکون هناک بعض الصعوبات فى التعامل المقرر بالنظر لأنه مقرر جديد ويحتاج لنوعية مدربة من المدرسين على تدريسه من جهة، وعلى القدرة على إکساب الطلاب المهارات اللازمة لتطبيقه عند التعامل مع وسائل الإعلام من جهة أخرى، وقد أشار المبحوثون إلى ثلاثة أنواع من الصعوبات: "صعوبات فى التعامل مع أستاذ المقرر" و"صعوبات التعامل مع تطبيقات المقرر" و"صعوبات تتعلق بالإمکانيات". وتتفق هذه النتيجة مع العديد من الدراسات السابقة خاصة فيما يتعلق بعدم التدريب الکافي للمعلمين، وندرة المعلمين المدربين، وکذلک قلة الإمکانيات والمصادر التعليمية.
5- ذکر 90% من أفراد العينة أن دراستهم لمقرر التربية الإعلامية أدى إلى تغير في سلوکيات تعاملهم مع وسائل الإعلام، حيث أجاب 48% من أفراد العينة ب (نعم)، وأشار 42% إلى أنه قد حدث اختلاف في سلوکياتهم (إلي حد ما) ، الأمر الذي يؤکد على أهمية دراسة مقرر التربية الإعلامية لإکساب الطلاب مهارات التعامل مع وسائل الإعلام.
6- إن دراسة مقرر التربية الإعلامية قد أثر على الکثير من سلوکيات الطلاب في تعاملهم مع وسائل الإعلام، سواء من حيث انتقاء الرسالة التي يرون أنها مهمة، وتحليل وتقييم ما يسمعونه أو يقرأونه على الدوام، وکذلک الانتباه إلى الهدف الحقيقي للرسالة التي تبثها وسائل الإعلام وبالتالي أصبحوا أقل تأثرا بها، في حين ذکرت نسبة قليلة أنهم أصبحوا على قناعة بضرورة التواصل مع وسائل الإعلام للتعقيب أو إبداء الرأي، وأشارت نسبة أقل إلى أنهم يقومون أحيانا بإنتاج وبث بعض من الرسائل الإعلامية من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو الجديدة، وهو ما يتفق بشکل کبير مع النتائج التي توصلت إليها الباحثة من خلال تطبيق مقياس التعامل مع وسائل الإعلام.
7- تأتي "ورش العمل" و "المحاکاة" و"التطبيقات العملية" في مراتب متقدمة کأساليب مفضلة لتدريس مقرر التربية الإعلامية ، بينما جاء في المرتبة الأخيرة "المحاضرة التقليدية" الأمر الذي يشير إلى تفضيل طلاب هذا المقرر لأساليب التدريس غير التقليدية والتي تتناسب بالفعل مع طبيعة هذا المقرر الذي يحتاج في تدريسه إلى تحليل وتفسير نماذج من الرسائل الإعلامية، کما يحتاج التدريب على کيفية إنتاج الرسائل الإعلامية.  
8- معظم المبحوثين الذين درسوا مقرر التربية الإعلامية راضون عن المقرر (44% من أفراد العينة راضون بدرجة کبيرة ، 38% الي حد ما)، ولم يتبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذکور والإناث في هذا الصدد، الأمر الذي يشير إلى الرضا العام لدى الطلاب بغض النظر عن نوعهم، وهو ما يتفق مع ما أسفرت عنه نتائج الدراسة في أکثر من جزئية سابقة، حيث تبينعدم وجود فروق جوهرية بين الذکور والإناث من حيث رؤية کل منهم لأهمية دراسة مقرر واستفادتهم منه وشعورهم بمتعة التعلم من خلال دراسته.

الكلمات الرئيسية