التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي وعلاقته بمستويات الاغتراب السياسي لدى الشباب المصري

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الاعلام بالجامعة الحديثة للتکنولوجيا والمعلومات

المستخلص

تحددت مشکلة الدراسة في التعرف على العلاقة بين التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي بمستويات الاغتراب السياسي لدى الشباب المصري، والوقوف على المتغيرات التي تؤثر في هذه العلاقة، والمتمثلة في درجة الاهتمام السياسي للمبحوثين، ودرجة ثقتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، والعوامل الديموجرافية.
اهم النتائج:
يتضح اختلاف الاتجاهات البحثية في تحديد الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في إحداث تأثيرات سياسية مختلفة في الجمهور.
حيث إن هناک اتجاهًا يؤکد الدور السلبي الذي تقوم به وسائل الإعلام في زيادة الاغتراب السياسي وشعور الأفراد بالعجز السياسي وتقويض ثقتهم في الحکومة بما يؤدي لانصرافهم عن العملية السياسية.
وعلى الطرف الآخر، فهناک اتجاه يوضح الدور الإيجابي لوسائل الإعلام من حيث زيادة المعرفة السياسية للمواطنين بما يعزز کفاءتهم السياسية ويشعرهم بمستويات أقل من اللامعنى السياسي، وهذا يدفعهم للمشارکة السياسية.
وهناک اتجاه ثالث يرى أن التأثيرات السياسية لوسائل الإعلام ترتبط بخصائص الجمهور المستخدم لهذه الوسائل، وبنوع ومحتوى الوسيلة الإعلامية.
وتدعم الباحثة  الاتجاه الثالث حيث تري أن التأثيرات السياسية  لوسائل الإعلام سواء کانت سلبية أو إيجابية ترتبط ارتباطاً وثيقاً  بمجموعة من المتغيرات المتعلقة  بمحتوى الوسيلة الإعلامية وبالجمهور،  فهناک العديد من العوامل تتوسط العلاقة بين الوسيلة الإعلامية والتأثيرات الناتجة عنها مثل المعرفة السياسية للأفراد ودرجة الثقة في الوسيلة الإعلامية والانتماء الحزبي والکفاءة  الذاتية للأفراد والعوامل الديموجرافية.
ومن هنا فقد سعت هذه الدراسة لتحديد العلاقة بين التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي ومستوى الاغتراب السياسي لدى الشباب المصري، والوقوف على المتغيرات التي من شأنها التأثير في هذه العلاقة بالتطبيق على نظرية الآفة الإعلامية.
 وتم استخدام منهج المسح بالعينة، حيث تم إجراء استبيان بالمقابلة مع 400 مبحوث من الشباب المصري الذين تتراوح أعمارهم بين (18 – 35 سنة).
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى تحقق معدلات الاغتراب السياسي لدى المبحوثين بمعدل متوسط، وأرجعت الباحثة هذه النتيجة إلى الاستقرار النسبي في الأوضاع السياسية والاقتصادية المصرية وتحسن الأوضاع الأمنية.
وأوضحت النتائج انخفاض مستويات اللامعنى السياسي للمبحوثين، وأشاروا إلى وضوح القرارات السياسية المختلفة بالنسبة لهم، وکذلک انخفاض مستويات العجز السياسي للمبحوثين الذين يعتقدون بقدرتهم على التأثير في العملية السياسية من خلال التصويت في الانتخابات والتعبير عن آرائهم وإيصال صوتهم للمسئولين.
کما اتضح وجود علاقة ارتباطية عکسية بين حجم التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي والاغتراب السياسي بأبعاده المختلفة، حيث إن المستويات المرتفعة من التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي تعني مستويات أقل من الاغتراب السياسي، وهو ما يناقض الفرض الرئيسي لنظرية الآفة الإعلامية الذي يؤکد على التأثيرات السلبية الناتجة عن التعرض لوسائل الإعلام، بما يؤدي إلى شعور الأفراد بالقلق تجاه الأوضاع السياسية والإحساس باليأس والإحباط السياسي.
وتدعم هذه النتيجة الاتجاه البحثي الذي يلقي الضوء على التأثيرات الإيجابية لوسائل الإعلام في تقليل الاغتراب السياسي وتدعيم المشارکة السياسية.
وهو ما فسرته الباحثة في ضوء نظرية الدائرة الفاضلة التي تفترض أن التعرض لوسائل الإعلام يعزز المعرفة السياسية والاهتمام السياسي للمبحوثين، بما يسهم في زيادة فعاليتهم السياسية ورغبتهم في المشارکة السياسية.
وعکست النتائج أيضًا وجود فروق دالة إحصائيًّا بين مستويات الاهتمام السياسي لدى الشباب المصري وأبعاد الاغتراب السياسي المتحققة لديهم، حيث اتضح أن المستويات الأعلى من الاهتمام السياسي تعني مستويات أقل من الشعور بالاغتراب، فالأکثر اهتمامًا سياسيًّا يتصورون أنهم الأکثر فهمًا ودراية بالأوضاع السياسية، وأنهم الأکثر قدرة على اتخاذ المواقف السياسية الصائبة، بما يدعم نشاطهم السياسي.
وکذلک وجود فروق دالة إحصائيًّا بين درجات الثقة في مواقع التواصل الاجتماعي ومستويات الاغتراب السياسي، حيث إن درجات الثقة الأعلى عکست اغترابًا أقل، وقد يکون ذلک لأن الثقة في المضمون الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى ثقة أکبر فيما تقدمه الأحزاب السياسية والفاعلون السياسيون والمسئولون الحکوميون ويتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي.
واتضح انتفاء متغير النوع کمؤثر في مستويات الاغتراب السياسي بين الذکور والإناث، کما اتضح عدم وجود فروق دالة إحصائية بين الفئات العمرية بين الشباب المصري في حدوث الاغتراب السياسي.
کما بينت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًّا في مستويات الاغتراب السياسي وفقًا لمتغيري التعليم والمستوى الاقتصادي الاجتماعي، حيث إن المستويات التعليمية والاقتصادية الاجتماعية الأعلى کانت أقل شعورًا بالاغتراب السياسي، ويمکن إرجاع هذه النتيجة لاتسام هذه الفئات بمستويات عالية من تقدير الذات والشعور بالکفاءة الذاتية ورغبتهم في اتخاذ دور فاعل في الحياة السياسية.
وهو ما يلقي الضوء على أهمية متغير المستوى التعليمي،  حيث أن المستويات التعليمية  الأعلي ترتفع لديهم مستويات الاهتمام السياسي واتجاههم  للتعبير عن آرائهم السياسية بحرية  بما يدعم نشاطهم  السياسي ويؤدي إلى انخفاض معدلات الاغتراب السياسي  لديهم، کما تعکس النتائج أهمية متغير المستوى الاجتماعي الاقتصادي ، فارتفاع المستوى الاجتماعي الاقتصادي  يعنى درجة أعلى من الکفاءة السياسية وثقة المبحوثين بقدرتهم على تغيير الأوضاع بما يمکنهم من الاضطلاع بمسؤوليتهم السياسية. 
واتضح عدم وجود اختلاف في التأثيرات السياسية السلوکية لدى المبحوثين (اللجوء للحرکات الاحتجاجية/ الانسحاب من الحياة السياسية) وفقا لبعدي اللامعنى السياسي واللامعيارية السياسية، فالمبحوثون قد يتخذون إحدى السلوکين تبعًا لاختلاف العوامل الديموجرافية والسمات الشخصية والصفات النفسية للمبحوثين.
بينما عکست النتائج أن الأفراد من ذوي الشعور بالعجز السياسي يفضلون الانسحاب من الحياة السياسية والعزوف عن المشارکة في الأنشطة السياسية، وقد تعزى هذه النتيجة إلى أنه عند شعور الأفراد بأنه ليس في مقدورهم إحداث أي تغييرات في مخرجات العملية السياسية وأن صوتهم غير مسموع ولا فائدة مرجوة من مشارکتهم فإنهم يفضلون العزلة السياسية.
وکذلک فإن الأفراد من ذوي الشعور بفقدان الثقة في الحکومة يفضلون التعبير عن آرائهم عن طريق الاستجابة للحرکات الاحتجاجية ودعوات العصيان المدني کوسيلة للتنفيس عن عدم الرضا عن السياسات الحکومية وأن المسئولين الحکوميين لا يضطلعون بالمسئوليات المنوطة بهم.
وهذا يشير إلى وجود اختلاف في التأثيرات السياسية السلوکية الناتجة عن الأبعاد المختلفة للاغتراب السياسي، حيث إن بعض هذه الأبعاد تؤدي إلى العزلة السياسية، والبعض الآخر يؤدي إلى اللجوء للحرکات الاحتجاجية.
وأرجعت الباحثة هذا الاختلاف إلى العوامل الديموجرافية  للجمهور والسمات الشخصية المتعلقة بإدراک  الأفراد لکفاءتهم  الذاتية  ومعدلات تقدير الذات والصفات النفسية  للأفراد من حيث الانبساطية أو الانطوائية  أو الشخصية العصابية التي تتراوح  بين التوازن  من جهة وعدم التوازن من جهة أخرى.

الكلمات الرئيسية