تعرض الشباب للبرامج الحوارية بالقنوات الفضائية المصرية وعلاقته بإدراکهم لمفهوم العدالة الاجتماعية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس مساعد إذاعة وتليفزيون بکلية الآداب – جامعة المنصورة .

المستخلص

تشهد مصر تغيرات هامة أعقبت ثورة 25 يناير 2011 ، وأدت هذه التغيرات إلي حدوث حراک سياسي تمثل في عدة مظاهر سياسية من مظاهرات واعتصامات وإضرابات . وتمثلت المطالب الرئيسية لهذه المظاهر السياسية في : ضرورة  توفير الحياة الکريمة لکل فئات الشعب ، وإتاحة مجال واسع من الحرية لکل فرد في المجتمع ، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين کل فئات وکل أفراد الشعب .
وتبرز أهمية دراسة مفهوم العدالة الاجتماعية في ظل عدم وجود اتفاق واضح حول هذا المفهوم وأبعاده المختلفة ، علي الرغم من أن تحقيق هذه العدالة يمثل باعثا وهدفا هاما ورئيسيا لثورة 25 يناير 2011  .
وبناء علي ما سبق ، وفي ضوء أهمية البرامج الحوارية ، وخطورة مفهوم العدالة الاجتماعية في مرحلة تتوالي فيها التغيرات والأحداث السياسية الداخلية التي ترتبط بشکل مباشر بهذا المفهوم ؛ تبرز مشکلة الدراسة وتتضح أهميتها ؛ تتبلور مشکلة البحث في الحاجة إلي دراسة العلاقة بين تعرض الشباب للبرامج الحوارية بالقنوات الفضائية المصرية وإدراکهم لمفهوم العدالة الاجتماعية .
ومن واقع نتائج البحث في الإجابة علي تساؤلاته واختبار فروضه يمکن إيجاز مجمل هذه النتائج وتفسيرها ومناقشتها ، وذلک کما يلي :
1-         أشارت نتاج الدراسة إلي تفوق الدوافع الوظيفية علي الدوافع الطقوسية لتعرض الشباب للبرامج الحوارية بالتليفزيون المصري ، وتتفق هذه النتيجة مع ما أشارت إليه نتائج إحدي الدراسات السابقة التي تم الرجوع إليها (بسنت محمد عطية محمد ، 2011) من تفوق الدوافع الوظيفية علي الدوافع الطقوسية لاکتساب الشباب الجامعي للقيم الاجتماعية .
2-         أفصحت نتائج الدراسة عن وجود علاقة عکسية بين متغيري : کثافة مشاهدة الشباب للبرامج الحوارية بالتليفزيون ، وإدراکهم لمفهوم العدالة الاجتماعية بما يتضمنه من قيم ( الواقع الذاتي للمفهوم ) وتختلف هذه النتيجة مع ما خلصت إليه نتائج دراسة أخري (حسن محمد علي  خليل ، 2010  : 219 – 290 ) من أن المراهقين کثيفي ومتوسطي المشاهدة للبرامج الحوارية بقنوات التليفزيون المصري الفضائية أکثر إدراکا لأبعاد المواطنة والديمقراطية من المراهقين منخفضي المشاهدة للبرامج الحوارية.
 ويمکن تفسير ذلک في ضوء اختلاف فترة إجراء کل من الدراستين واختلاف موضوع کل دراسة  ، إذ تم إجراء هذه الدراسة في الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو 2013 وازدادت فيها مطالبة الشارع المصري بتصحيح مسار تحقيق العدالة الاجتماعية بعد أن انحرف بها نظام الحکم السابق المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي اتخذت من العدالة الاجتماعية شعارا سياسيا ، وقد تميزت هذه الفترة بزيادة اعتماد الشباب علي مصادر متنوعة لمتابعة الأحداث فور وقوعها ، بينما اهتمت البرامج الحوارية خلال تلک الفترة بتقديم الآراء والتفسيرات حول ما يجري من أحداث ، وأدي ذلک إلي ارتفاع نسبة استخدام الحوار التليفزيوني کأحد القوالب الفنية في تقديم البرامج الحوارية ( جدول رقم 4 ) وقد ساهم ذلک بشکل کبير في انفصال البرامج الحوارية فيما تقدمه من مضامين عن قيم العدالة الاجتماعية؛ انفصالها عن متطلبات الشارع بما لا يلبي احتياجات الشباب خلال تلک الفترة .
 بينما تم إجراء دراسة حسن محمد علي خليل ( 2010 ) خلال الفترة التي سبقت أحداث ثورة 25 يناير 2011  ، وقد مثّل تحقيق الديمقراطية مطلبا أساسيا للشارع المصري في تلک الفترة ، وأصبحت البرامج الحوارية تمثل مصدرا هاما للتعرف علي أبعاد المواطنة والديمقراطية والتجارب السابقة في هذا المجال ، وقد ساهمت البرامج الحوارية بما قدمته من آراء وحوارات حول هذه التجارب في إدراک أبعاد المواطنة والديمقراطية .
ويمکن تفسير الاختلاف بين ما أفصحت عنه نتائج هذه الدراسة من وجود علاقة عکسية بين متغيري : کثافة مشاهدة الشباب للبرامج الحوارية بالتليفزيون ، وإدراکهم لمفهوم العدالة الاجتماعية بما يتضمنه من قيم ( الواقع الذاتي للمفهوم ) وما تذهب إليه نظرية الغرس الثقافي في فرضها الرئيسي بأن مداومة التعرض للتليفزيون ولفترات طويلة تنمي لدي المشاهد اعتقادا بأن العالم الذي يراه علي شاشة التليفزيون ما هو إلا صورة مطابقة للعالم الواقعي الذي يعيشه ؛ يمکن تفسير ذلک الاختلاف في ضوء ما أشار إليه " جربنر " (Gerbner)   من أنه إلى جانب الفرض الرئيسي للغرس توجد عدة فروض فرعية ترتبط به من أهمها ارتباط الغرس بمشاهدة المحتوى الکلي للتليفزيون بدون تحديد نوعية معينة من البرامج  (32)، فالتليفزيون يقدم عالما يتکون في مجمله من قصص مترابطة يتم إنتاجها في ضوء مواصفات واحدة ، کما أن مشاهدته تکون غير انتقائية إلى حد بعيد (33) .

الكلمات الرئيسية