تأثير الوسائط المتعددة في البيئة الإعلامية المعاصرة:

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون - کلية الإعلام / جامعة القاهرة

المستخلص

      اهتم الباحثون في مجالي الإعلام الجديد وتقنيات الاتصال اهتماماً بالغاً بتأثيرات الوسائط المتعددة في البيئة الإعلامية المعاصرة وبخاصةٍ منذ العقد الأخير من القرن الماضي حيث يعتقد هؤلاء الباحثون أن العصر الحالي هو عصر الوسائط المتعددة The Multimedia Era. وفي هذا الصدد طرح الباحثون أنفسهم مفاهيم علمية رصينة لرصد تأثيرات الوسائط المتعددة في البيئة الإعلامية؛ ومن أبرز تلک المفاهيم والرؤى النظرية: الحضور الاجتماعي، والثراء المعرفي للوسيلة الإعلامية، والتفاعليّة، وتعضيد المشارکة الجماهيرية،وإرضاء المستهلک وتلبية احتياجاته الإعلامية والاتصالية، فضلاً عن تيسير استخدام التقنيات الإعلامية دون عناءٍ من قبل المستخدمين. وعلى جانب الممارسة والتطبيق يؤکد الممارسون في مجال الإعلام الجديد أن مستقبل المضامين الإعلامية والوسائل الإخبارية في عالم ما بعد الحداثة Postmodern World مرهونٌ بالتطوير والتحديث في تقنيات الوسائط المتعددة.
وفي السياق ذاته، يؤکد منظِّرو مدخل الثراء المعرفي للوسيلة الإعلامية The Media Richness على أن ثورة المعلومات والاتصالات قد أفرزّت وسائل إعلامية تتسم بالتفاعليّة،والقدرة على تأکيد وإبراز السمات الشخصية للاتصال بين أفراد الجمهور لتقترب بذلک من أنماط الاتصال السائدة في الواقع الاجتماعي.ويعتقد الباحثون أنفسهم أن التقنيات المرتکزة على الوسائط المتعددة کان لها الدور الأبرز في تطوير تلک الوسائل الإعلامية التفاعليّة ،وتعضيد قدراتها على إشباع الاحتياجات الاتصالية لأفراد الجمهور والتأثير المتعاظم في أنساقهم المعرفية والوجدانية.
وقد شهدت أدبيات الإعلام الجديد محاولاتٍ بحثيةٍ مهمةٍ للتعريف الدقيق بمفهوم الوسائط المتعددة والحد من الغموض والجدل المرتبط بماهية الوسائط المتعددة وآليات تکريسها في البيئة الإعلامية؛ وفي هذا الصدد تضمنت تلک الأدبيات عدة محاور بحثية ؛ حيث اهتمت منذ التسعينيات بطرح الرؤى النظرية والمعرفية المرتبطة بماهية الوسائط المتعددة وتطبيقاتها الإعلامية، کما اهتمت منذ السنوات المبکرة من القرن الحادي والعشرين بدراسة استخدامات الوسائط المتعددة والإشباعات المتحققة منها؛ على حين تهتم تلک الأدبيات بشکلٍ کبير منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي برصد تأثيرات الوسائط المتعددة في مستخدميها من أفراد الجمهور، فضلاً عن تأثيراتها سواءً الإيجابية أم السلبية في البيئة الإعلامية؛ وارتبط ذلک بدوره بطرح الرؤى المستقبلية لدور الوسائط المتعددة في تطوير البيئة الإعلامية المعاصرة.
ووفقاً للمقولات العلمية لنظرية تحليل النظم The Systems Analysis؛ يمکن القول أن الوسائط المتعددة- کنظامٍ تقني-؛ قد ساهمت بشکلٍ ملموس في تطوير الوسائل الإعلامية التقليدية والمعاصرة حيث يرجع إليها الفضل في تطوير التليفزيون التفاعلي Interactive Television،والخدمات التفاعليّة عبر الويب، وکذلک الخدمات الصوتية عالية الجودة في المحطات الإذاعية. ويُعزى ذلک إلى أن الوسائط المتعددة تنطلق من قاعدة مفادها أن أفراد الجمهور يتسمون بالنشاط والإيجابية Active Agents (AA)؛ أي أنهم يتعرضون لوسائل الإعلام وفقاً لاحتياجاتهم وتفضيلاتهم المعينة؛ ومن ثمّ ينبغي على البيئة الإعلامية أن تعضّد إيجابية أفراد الجمهور من خلال التقنيات الإعلامية التي تُلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الإعلامية والاتصالية.

الكلمات الرئيسية